
تُعد الأحكام الصادرة من محكمة التمييز الجزائية في الكويت من أهم مصادر ترسيخ المبادئ القانونية، خصوصًا في القضايا المعقدة التي تتداخل فيها الأدلة الفنية، وشهادات الشهود، والتقارير الرسمية. ومن خلال هذا المقال، أُقدّم—أنا المحامي خالد مفرج الدلماني—قراءة قانونية دقيقة لأحد الأحكام الصادرة عن محكمة التمييز، والذي يُعد مثالًا واضحًا على أهمية منهجية التحقيق، وسلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل، وحدود تدخل محكمة التمييز.
يدور الحكم حول قضية جنائية معقدة، تضمنت اتهامات متعددة ووقائع متشابكة تتعلق بمدى صحة المستندات المقدمة، وتوقيت تقديمها، والتحقيقات الإدارية والجزائية المرتبطة بها. وقد مرّ الملف بثلاث مراحل:
وفي كل مرحلة، أثيرت دفوع جوهرية تتعلق بثبوت الجريمة من عدمها، وصحة الاتهام، ومصداقية الأدلة، وتناقض الشهود، ومدى توافر القصد الجنائي.
أكدت المحكمة أن البراءة تظل هي الأصل، وأن أي شك—حتى لو بسيط—يجب أن يُفسَّر لصالح المتهم. وهذا يتفق مع مبادئ العدالة الجنائية الراسخة عالميًا.
أوضحت محكمة التمييز أن وزن الأدلة وتقديرها هو من اختصاص محكمة الموضوع، ولا رقابة عليها في ذلك طالما أن استنتاجها كان سائغًا وله أصل بالأوراق.
من أهم ما جاء بالحكم: أن الأدلة المقدمة لم تكن كافية للقول بثبوت الجريمة، وأن بعض المستندات شابها الغموض في توقيتها وتعارضها مع وقائع أخرى.
ألقى الحكم الضوء على مسألة مهمة:
إذا قصّرت الجهة الرسمية في تقديم مستنداتها أو تأخرت أو قدّمت أوراقًا ناقصة، فلا يجوز تحميل المتهم نتائج هذا الخلل.
بيّن الحكم أن التحقيقات الإدارية—مهما كانت—لا تصلح وحدها لإدانة شخص إلا إذا دعمتها أدلة جزائية قوية وجازمة.
لأنّه يوضح حدود المسؤولية، ويُعيد ضبط معايير الإثبات، ويُبرز الدور الفاصل لمحكمة التمييز في حماية العدالة ومنع الخطأ القضائي.كما أنه يُثبت قاعدة مهمة في العمل الجزائي:
ليس كل خطأ إداري يُعد جريمة، وليس كل خلاف وظيفي يصل إلى مستوى المسؤولية الجزائية.
من خلال خبرتي في التمييز الجزائي، أرى أن هذا الحكم يمثل مستوى متقدمًا من الرقابة القضائية على سلامة الإجراءات، وأنه يعكس توجهًا ثابتًا لدى محكمة التمييز بإلغاء أي حكم إدانة لا يقوم على أدلة يقينية.
كما يعزز دور الدفاع في تفنيد التقارير، وكشف التناقضات، والتمسك بالدفوع الجوهرية التي قد تغيّر مسار الدعوى.
هذا الحكم من الأحكام التي تُبرِز بوضوح أهمية المحامي المتخصص في القضايا الجزائية، والقادر على قراءة المستندات، وكشف التناقضات، وتقديم دفوع قوية تصل بالقضية إلى التمييز وتغيير الحكم جذريًا.
ومكتبنا يتابع مثل هذه القضايا يوميًا، ونعتز بتحقيق نتائج مشابهة لعملائنا في ملفات معقدة وحساسة.
مكتب المحامي خالد مفرج الدلماني للمحاماة
للمواعيد والاستشارات القانونية: 66669028 📞